Uplifting Syrian Women

Reem Missi

ريم ميسي- قصة نجاح

لقد خاضت ريم ميسي رحلة رائعة تستحق التقدير، حيث تلهمها حكمة نيلسون مانديلا "أنا سيد قدري، وأنا قبطان سفينة روحي.."

كيف لا وهي التي اختارت بكل ما عندها من فرح، على مفترق طرق الهندسة والشركات الكبرى، عالم الطفولة والرسم والألوان فكانت ريم ميسي مؤسسة نادي "Artokids"، حيث يتم صقل الموهبة بحبّ. 

كيف تقدّم ريم ميسي نفسها لمجتمع "Uplifting Syrian Women"؟ 

سعيدة بهذه الفرصة الاستثنائية لتقديم نفسي عن طريق مبادرة "Uplifting Syrian Women". لكوني امرأة أولاً ولكوني امرأة سوريّة على وجه الخصوص، فشكراً بدايةً لمنحي مكاناً بينكم أتحدث فيه عن نفسي ومشروعي. اسمي ريم يعقوب ميسي، سورية وأعيش في قطر منذ سنة 1982 مع أسرتي.

لدي ابنتان توأم بعمر تسع سنوات. درستُ الهندسة المدنية في جامعة تشرين في مدينة اللاذقية، سوريا. ثم عدتُ للعمل في قطر في شركة خطيب وعلمي للاستشارات الهندسية. بعدها، بدأت رحلتي في هذا العالم الواسع والممتع وامتهنت تخصصي في إدارة المشاريع والمخاطر مع البنوك الخاصة.

كيف بدأت فكرة "Artokids Club"؟ حدثينا عن رحلة مشروعك الخاص.

لطالما حلمت أثناء عملي الوظيفي أن يكون للفن -بكافة مجالاته- حيز في حياتي العملية أياً كان البلد الذي سأستقر فيه. وعلى ما يبدو أنّ المصادفات في الحياة قد تخلق لدى الشخص فرصاً لا يتوقع متى وأين وكيف تحدث. إذ تزامن انقطاعي عن العمل الهندسي لفترة مؤقتة مع انتشار الموجة الثانية من وباء فيروس كورونا. عندها رغبت في أن أملأ وقتي بشيء مفيد وأحبه طيلة هذه الفترة، بالإضافة إلى أنّ بعض الأصدقاء طلبوا مني تدريب أبنائهم على الرسم عن بعد.

فعملت بشدة وحماس لتنفيذ فكرتي. وبمساندة أخي، جورج ميسي الذي يعمل كمصمم جرافيك مذهل، ولديه بودكاست يتمحور حول الفنون بكافة أنواعها، قمنا ببناء الهوية البصرية للنادي. بما فيها اختيار الاسم، والشعار، وكافة التصاميم المرئية لمنصة التواصل الاجتماعي، والملموسة كالمطبوعات والعلب المقدمة لأدوات الرسم، الإعلانات، والملصقات..إلخ. 

 

أمّا أسرتي الأولى وأهلي، فدعمهم بدأ منذ طفولتنا ولا يزال مستمر حتى هذه اللحظة. بدءاً من إيمانهم بقدراتنا وصقلهم لمواهبنا وصولاً إلى منحنا كافة التسهيلات لتحقيق أهدافنا. الأمر الذي كان له الأثر الأكبر في أن نحقق ما نصبو إليه باحترام وحب للعمل الذي نقوم به أياً كان، كلٌ في مجاله. 

كما لا أنسى دعم زوجي وبناتي وأصدقائي أيضاً في "Artokids Club". من خلال منحي كامل ثقتهم منذ اليوم الأول وعلى مدى عام ونصف بدروس الرسم المستمرة لأطفالهم وغيرها من النشاطات. وكذلك ثقة جميع طلابي وكل من تفاعل مع الخدمات التي يقدمها Artokids.

هل واجهتِ في مسيرتك انتقادات ومحاولات إحباط؟ وكيف كان تأثيرها عليكِ وتعاملكِ معها؟ 

لا بد من وجود منتقدين لعملك مهما كان وأينما كنت. ولكن ليس بالضرورة من يعارض عملك أن يكون كارهاً لنجاحك. مثلاً في تجربتي، لم أواجه انتقادات، بقدر ما كانت تنبيهات لكي أتوقع التحديات ولا أقع في دوامتها. وأعتبر أنّه من حظي وبركة الرب لي أن أحظى بهذا القدر من الحب والاهتمام.

والدكِ المهندس المعماري والتشكيلي يعقوب ميسي، حدثينا عن دوره في مسيرتكِ

والدي زرع فينا حب الفن، لم يمسك يوماً يدنا كي نرسم، أو ننحت، بل جعلنا ننظر إليه يرسم ويخلط الألوان حيناً أو الصلصال حيناً آخر. يطلب رأينا في كلّ عملٍ فنيّ يقوم به، لا للأخذ به فقط، بل لخلق حوار هادف يثري به فكرنا ومعلوماتنا وكذلك ثقتنا بأنفسنا. 

جميع من في عائلتي يرسم، بما فيهم أمي، وأخي وأختي. لم تكن طاولة الطعام مجرد مكان للاجتماع عند الفطور أو العشاء، بل كانت مكتب الرسم الخاص بنا. ولا تزال هكذا حتى يومنا هذا، أي بالمختصر، لقد تعلمنا الفن كنمط حياة. 

أثناء دراستي الجامعية، انتسبت لمركز الفنون التشكيلية في اللاذقية، حيث درس أبي الفن قبل سفره لتركيا لنيل شهادة الهندسة المعمارية. وهناك روى أبي الكثير من قصصه في بدايات مسيرة فنه التشكيلي. وهذا ما جعلني على دراية بأسس الفن وممارسته. أبي الآن هو شريك فعليّ في "Artokids". إذ يساعدني في كلّ التحضيرات التي تسبق الورشات الفنيّة وكذلك في المنتجات الفنيّة التي نقدمها.

حدّثينا عن ريم ميسي الزوجة، الأم، والمسؤولة. ماذا عن العقبات والتحديّات التي واجتهكِ؟ وكيف تعاملتِ معها؟ 

لا تزال التحديّات كبيرة جداً.. وكلّما تقدمت خطوة تظهر تحديّات أخرى بشكل واضح. 

من هذه التحديّات، عامل الوقت، إذ تبدأ دروس الرسم في "Artokids" في المساء. وأنا كأمّ أحرص كلّ الحرص على متابعة دراسة بناتي عن قرب، فيشكل هذا التضارب في الوقت تحديّاً مهماً يكاد أن يرزح تحت ثقل نظرية "أكون أو لا أكون". هل أستمر وبجهد مضاعف في تنسيق الأوقات أم أتوقف؟ والحمدلله استطعت خلال عام ونصف أن أمارس أمومتي وعملي معاً على أكمل وجه. 

التحدي الآخر هو الانتشار، والذي لا أزال أواجه صعوبات فيه ولكني أؤمن أنّ لكل شيء وقته الصحيح.

ما هو أهم شيء يقدمه "Artokids Club"؟ إلى جانب تنمية المواهب وتطوير المهارات. حدّثينا عن الجلسات التفاعلية للأمهات وأطفالهم، وما رأيكِ بتأثيرها عليهم؟ 

يقدم Artokids كمشروع صغير في طور النمو، خدمات كثيرة. أولها تعليم الرسم للأطفال وللكبار، مع تقديم علبة أدوات رسم منوعة عند بداية التسجيل. كما نقوم بورش فنية للسيدات، للأطفال، للأمهات وللأطفال. 

نشارك من خلال Artokids بكثير من الفعاليات والأنشطة في قطر بما فيها المدارس والاحتفالات. إذ نقوم بعمل أنشطة للرسم وكذلك بيع منتجات فنية من صنع العائلة جميعنا بما فيهم بناتي أيضاً. 

كلّ شيء تشاركيه مع طفلك بهدف الإثراء الفني أو العلمي أو الثقافي، هو كنز في ثنايا الروح والعقل والحكمة. فحين يتمّ صقل الموهبة بحبّ... ستعِدُ بالكثير.

ماذا عن أحلام وأهداف ريم ميسي خلال الفترة القادمة؟ 

لا أخفيك سراً أنّه بقدر حبي للرسم فأنا أحبّ الكتابة أيضاً، ولديّ الكثير من الخواطر التي أتمنى في يوم من الأيام أن أنشرها. وهدفي هو أن أستطيع المضي قدماً نحو تحقيق حلمي الأكبر وهو النادي الثقافي الذي أنقل فيه دفء طاولة الطعام في بيت أهلي وغنى ما يتمّ تقديمه عليها من فن إلى النادي. عسى أن يكون مساحة ممتعة وآمنة للسيدات والعائلات. لكي ينتسبوا إليه ولتنمية ثقافتهم وهواياتهم، كالكتابة، والقراءة، والرسم والنحت وغيرها الكثير. 

أعي أنّ التخطيط هو أساس النجاح، ولكني أؤمن بتلك القوة التي تتسرب للنفس رويداً رويداً وتهمس في داخلك أنّه قد حان الوقت لقفزة أكبر. سأبقى أخطط وأحيا بشغف ووعي كلّ يوم وأنتظر تلك الهمسة.

ما هي النصائح التي تودين مشاركتها مع النساء اللواتي يملكن طموحات ولا يزلن يبحثن عن طريقهنّ؟ 

آمنوا بأنفسكنّ، وتعلمن من كلّ شيء، صغيراً كان أم كبيراً. لا تيأسن مهما شعرتنّ أن الوقت مضى وفات، فالوقت هو مجرد رقم أمّا العمر هو ما نفعل وننفذ وننجز. ولتبحثن عن نماذج ناجحة في محيطكن واكتسبن منها. لقد راقبت الكثير من النماذج و أمثلة نسائية كثيرة في حياتي. ومثَلي الأقرب أمي التي كانت تثابر لتحصل على شهادتها الجامعية وأنا طفلة صغيرة فتتركني مع والدي في قطر لتذهب لدمشق لتقديم امتحاناتها حتى تخرجت.

وأذكر أختي التي التحقت بجامعة الفنون التشكيلية في لبنان وهي أمّ لثلاثة يدرسون الجامعة والمدرسة، وقد حصلت على امتياز وجائزة رئيس الجامعة.

ما المقولة التي تعتقد ريم ميسي أنّها تختصر المسير وتنيرالدرب؟

أنا ممتنة للرب، للعائلة التي منحني إياها، لرفاق الدرب، للنماذج المشرفة في حياتي، للحظ العاثر، للقيامة التي تلت الوقوع، للفشل القادم والنهوض الذي سوف يليه. للبحث المستمر عن حياة جديرة بأن تُعاش، وللخبرات والتجارب التي ساعدتني كثيراً لأبني مهارات جديدة. 

المقولة التي أسقطها دائماً على لحظات تعبي هي لنيلسون مانديلا: "لا يهم أنّ البوابة ضيقة وأن لفافة الأحكام مفعمة بالعقوبات، فأنا سيد قدري، وأنا قبطان سفينة روحي."

اقرأ أيضاً: