Uplifting Syrian Women

Reem Shtayh

قصة نجاح: ريم شطيح

ابنة الفكر والقلم المبدع. 
تعرَّف إلى الكاتبة ريم شطيح. "ما الكتابة إلاّ فيض من المعرفة والعِلم والثقافة التي وصل لها الكاتب" بهذه الكلمات بدأت ريم شطيح بالتعريف عن نفسها ككاتبة. وانطلاقاً من هذه الكلمات سنروي لكم قصة نجاحها مع الإضاءة على تجربتها وبعض جوانب حياتها. كاتبة موهوبة، طرقت بكتاباتها أبواب الفكر والسياسة وعلم النفس، "ريم شطيح" امرأة سورية تشرّبت الثقافة السورية إلى جانب الثقافة الأمريكية كونها تقيم هناك منذ 25 عاماً. 

تقول شطيح: "نشأتُ في بيئة هادئة في قريتي الجميلة "عمار الحصن" وسط جوٍّ ثقافي فنّي. تربّيتُ على الموسيقا والفرح والثقافة، أبي "خليل شطيح" فنان ومطرب وعازف عود، كان أيضاً قارئاً ومحباً للشعر والكتابة والأدب".

ريم شطيح والكتابة

تقول ريم شطيح عن علاقتها بالكتابة: "ربطتني بالكتابة علاقة خاصّة. فهي موهبتي وإحدى أدواتي لطرح الكثير من الأفكار والتساؤلات، كما أنّها ملاذي للتعبير عن الذات. تطورَتْ لاحقاً لتشمل كتابات وطروحات عميقة ومقالات متنوّعة تمّ تداولها على نطاق واسع في الجرائد والمواقع. وتركتْ هذه الكتابات أثراً على القرّاء خلال العشر سنوات الماضية، ومنها أعرّف بنفسي ككاتبة".

ولطموح ريم شطيح العلميّ نصيبٌ من مسيرتها، إذ وظّفت موهبتها وقدراتها الفكريّة لتترك بصمةً متكاملةً في عقول الجيل الجديد من طلاب الجامعات في أمريكا. فقد عمِلت أستاذةً جامعيّة بعلم النفس لثلاث جامعات في أمريكا، حيث تحاضر حالياً في:

  • The Ohio State University.
  • Otterbein University.
  • Columbus State Community College.

قصة نجاحها والوصول إلى الحلم 

لها مقالٍ سابقٍ تمّ نشره عام 2016، تحدّثتْ فيه عن معرفة الذات والقدرات ووضحتْ الطريق والرؤية. إذ قالتْ: "وأنت تُقيِّم دوافعَك الخاصّة للنجاح ولتحقيق أهدافك أو لمشروعك الإنسانيّ؛ ستجد أنّك كنتَ الدافع الأول لنجاحك حين علمتَ تماماً ماذا تملك من قدرات وآمنتَ بنفسك وكنتَ صادقاً في تحديد هدفك ومستواك. يَلي هذا إيمان الآخرين بك وغالباً لا يسبقه". وتضيف: "يقول جلال الدين الرومي: "عندما تُقرّر أن تبدأ الرحلة سيظهر الطريق."

هذا القرار لا يتحقق من دون الإيمان والثقة بالنفس ومعرفة القدرات الذاتية". "اعرف نفسك وقدراتك كي توظّفها بما يتناسب مع مستواك الفكريّ والثقافيّ والإبداعيّ في سبيل تحقيق أهدافك الإنسانيّة. ولتعلم أنّ التفوُّق ليس بهدف؛ بل هو نتيجة لما تملك. الأمر الذي سيظهر جلياً مع النتائج ومع ما تصل له من نجاح شخصيّ وعمليّ ومِهنيّ إضافةً إلى تأثيرك على الآخرين". "إنّ ما يفصلنا عن أهدافنا هو سعينا وجهدنا في العمل للوصول لها بكلّ السبل الممكنة.

الأهداف لا تتحقق بالأمل وحده أو الصبر والانتظار بل بالعمل والإصرار. يسيطر شعور اليأس والعجز على الفرد فقط حين يستسلم لعدم فعل شيء. العجز هو حين تقول لنفسك "لا أستطيع".. لكن حاول، فقط حاول؛ ويكفيك شرف المحاولة".

الكتابة، وما هو الدافع الرئيسي لدخول هذا العالم 

تقول ريم شطيح: "الكتابة كانت موهبة أولاً وأداة للتعبير عن الذات ثمّ تحوّلتْ لمشروع. مشروع ثقافيّ فكريّ لاﺳﺘﺨﻼﺹ التجارب والمعرفة وتقديم رأي أو ﺣﻜﻤﺔ ﺃﻭ ﻣﺎﺩﺓ ﺗﻨﻮﻳﺮية نفيد ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. فاهتمامي الفكريّ والثقافيّ ومحاولة طرح قضايا إنسانيّة ومناقشتها وإيجاد حلول لها كانت دافعاً للولوج في هذا العالم الواسع. إضافةً إلى شغفي الكبير للمعرفة التي هي أساس كلّ فِكرٍ حُرّ.

كما تأتي الرّغبة بتفعيل هذا الفِكر في المجتمع واستِثماره ونشره بحسب نسبة هذه المعرفة لدى الفرد، فهي ليست قراراً وحسب. إذ غالباً ما يَصِل الكاتب إلى مستوى من المعرفة يجعله شريكاً في كلّ ما يحدث في هذا العالم بشكلٍ تِلقائيّ. وبالتالي لن يستطيع أن يَنأى بنفسه وبهذه المعرفة عن المجتمع ولا يجب أن يَنأى بنفسه من الأساس. بل عليه أن يكون شريكاً حقيقيّاً وفعّالاً في النهوض المجتمعيّ. وكي يكون كذلك، ﻻ ﺑﺪَّ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺎ ﻳﻘﺪّﻣﻪ الكاتب هو ﻧِﺘﺎﺝ ﺻﺮﺍﻉ ﻓﻜﺮﻱ ﻭﻣﺠﺘﻤﻌﻲ ﺇﻧﺴﺎﻧﻲ ﻭﻧِﺘﺎﺝ ﻋﻘﻞٍ ﺣُﺮّ.

ﻭﻻ ﺑﺪَّ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﺍﻷﺳﻤﻰ ﻫﻮ ﺇﻓﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺨُﻼﺻﺎﺕ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻔِﻜﺮﻱّ ﻭﺍﻷﺧﻼﻗﻲّ، ﻭﺗﻨﺒﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ -ﺃﻓﺮﺍﺩﺍً ﻭﺟﻤﺎﻋﺎﺕ- ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻮﺍﺋﺐ، ﻭﺗﻘﺪﻳﻢ ﺣﻠﻮﻝ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺍﻟﺘﻘﻮﻳﻢ ﻭﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻬﺪﻡ".

الفرق بين الكتابة الأدبية والكتابة في الفكر والسياسة 

"ما الكتابة إلاّ فائضٌ من المعرفة والعِلم والثقافة التي وصل لها الكاتب. هذه المعرفة هي عمليّة تراكميّة بالضرورة ونِتاجُ عقلٍ منفتح. إذ أنّ آفاق الاحتمالات والتساؤلات والأجوبة ليس لها نهاية في الفِكر الإنسانيّ. تأتي الموهبة باستعمال اللّغة والصياغة لتَنقُلَ هذا الفِكر من الخاصّ إلى العامّ بتحويله لمادة كتابية "وجدانية" بالضَّرورة".

تقول ريم من مقالها المنشور عام 2017: "أيّ أنّ موهبة الكتابة هي الأداة لنقل الفِكر، وهذه هي العلاقة بين الأدب والفِكر. وبينما يخدم الأدب الفِكر إلاّ أنّ الأصل والأساس هو في الفِكر المَطروح بمختلف المواضيع الاجتماعيّة أو السياسيّة، إذ كلّها مواضيع علميّة تنقلها الكتابة. والكتابة -بما تنقله من هذا الفكر- هي عِلم وأداة المعرفة والكلمة الحُرّة للنُّهوض بالمجتمعات والإنسان على حد سواء. لطالما اجتهد الكاتب عبر العصور لتقديم واقع ما يرمي له كهدف، وليوصل بالتالي هذا الواقع للقارئ كحالة إنسانيّة أو كحِكمة أو جدلية أو مادة تعليمية. ويَحضُر الكاتب في النَّص كحضوره تماماً في الواقع المَطروح، وما النَّص إلاّ بصمة توقيع روح وذات الكاتب لحضوره الإنساني الوجودي".

ريم شطيح كمحاضرة وكاتبة سورية تمثّلُ بلادها في المؤتمرات العربيّة والعالميّة

"المُحاضِرة والكاتِبة السوريّة ذلك يعني لي هويّة اجتماعيّة وتاريخ وانتماء وليس فقط جنسيّة. فأنا أحمل جينات هذا البلد وثقافته وما حمّلني من نِتاجٍ استطعتُ استثماره لأكون إنسانة تمثّل المرأة السوريّة في مؤتمرات المرأة العربيّة. حاضرتُ في المؤتمرات إلى جانب سوريا، كما أحاضر كلّ عام في مراكز ثقافيّة مختلفة بعدة محافظات خلال فصل الصيف. وتكون حول مواضيع مختلفة مثل علم النفس والثقافة والفكر".

الصعوبات والعثرات التي واجهتها وكيف تجاوزتها

"واجهتُ بعض الصعوبات المتعلّقة بإيجاد الوقت الكافي للقيام بمسؤوليات كثيرة إلى جانب الدراسة والكتابة والعمل. فحين عدتُ للجامعة في أمريكا وتخصّصتُ، كان أولادي أطفالاً صغاراً، وكان عليّ خلق الوقت وليس انتظاره. لذلك استثمرتُ الوقت في أيّ مكان أو نشاط أمارسه سواء لي أو لأولادي، لذا كنتُ أستثمر الوقت للدراسة والمتابعة وللعمل لاحقاً".

وتكمل: "عائلتي من زوجي وأولادي إضافةً إلى أهلي وأخواتي، كانوا كلّهم داعمين لي وكان هذا إيجابيّاً جداً. وأرى أنّ أهم ما يساعد الإنسان على تخطّي الصعوبات، هو أن يعرف ما الذي يريده، ويتوجّه نحو هدفه بإرادةٍ قويّة وإيمان بنفسه وقدراته لتحقيق طموحه وخاصّةً المرأة، فإذا ما ملكت الاستحقاق؛ ستجد للصعوبات حلول كثيرة".

تحقيق الإنسان لنجاحٍ وتوفر الظروف المواتية لذلك 

"الظروف تُظهِر ما لدى الإنسان من مقدرات ولا تصنعها، إذا كان لدى الإنسان مقدرات ويعرفها ولديه طموح، فتأتي الظروف المواتية وتساهم بتحقيق ما يريده. وفي الأساس، نحن نصنع حاضرنا ومستقبلنا بما نطمح ونعمل ونرغب به. باستثناء ظروف الحروب والتغييرات التي تنتجها من ضيقات وصعوبات. كما قد تأتي الظروف المواتية لشخصٍ لا يملك طموحاً أو مقدرات، لكن لن تفعل الظروف شيئاً في هذه الحال. 

هنالك مثل أمريكي يقول: "تستطيع أن تأخذ الحصان إلى النهر ولكن لا تستطيع أن تجعله يشرب." فإذا كان لا يريد، قد يتقاعس ولن يحاول، رغم توفّر الظروف المواتية أو الموارد إذا صحّ التعبير. خلاصةُ القول، إنّ الظروف مهمّة في حال وجود الطموح والرغبة والإرادة، فيكون النجاح مُستحَقّاً". 

أهداف وتطلّعات ريم شطيح المستقبليّة

"أن أساهم بتوعية الناس أكثر عن علم النفس والاضطرابات النفسيّة وأهميّة العلاج والمعرفة. وكأكاديميّة، أسعى لإحداث تغيير ثقافيّ وعلميّ في بلدي من خلال إدخال مواد علم النفس في المناهج وتغيير مواد أخرى في المناهج التعليميّة بحيث تساعد على نشر ثقافة العلمانية وقبول الآخر والعمل على التغيير القانوني في هذا السياق".

وفي الختام ترى الكاتبة "ريم شطيح" في معرض مقال لها، بعنوان "القيمة والنوعية" أنّه: "يجب أن يتمّ مقاربة القيمة الاجتماعيّة بالقيمة الفكريّة للإنسان والمستوى الأخلاقي له. وإلّا فإنّنا سوف ننتهي بمجتمعٍ يعوّم المتسلقين والفاسدين ويهمش النخبة والمبدعين الحقيقيين". وعليه، فكم تبدو الحاجة ملحة لهذه "المقاربة" في مجتمعنا بغية تقييم الأفراد فيه -رجالاً ونساء- تبعاً للفكر والأخلاق؟ وعندما يبدأ ذلك، يصبح قادة الفكر -على اختلاف مجالاتهم- رواداً ورائدات في إحداث التغيير الإيجابي الذي سيقود حتماً لمستقبلٍ أفضل.

اقرأ أيضاً: